top of page
بحث
  • Dr Ali M. Kasht

واقع حقوق الشعوب أو السكان الأصليين في كندا وجمهورية الأديغيه / روسيا الاتحادية... أنموذجًا

تاريخ التحديث: ١٥ أبريل

"إن الغاية من هذه المقالة هي النظر بواقعية وعقلانية بدلًا من الاندفاع الفوضوي غير المحسوب وهي في ذات الوقت لا تهدف إلى تلميع صورة طرف على حساب أخر بل هي دعوة للنظر إلى كافة الأطراف بنظرة متساوية ومن بعدها بناء وجهات النظر المختلفة بحدود المنطق و المصلحة الشركسية الحالية وعدم تبني أي مواقف أو بناء اي تحالفات قائمة على العاطفة"


واقع حقوق الشعوب أو السكان الاصليين في كندا وجمهورية الاديغية
.pdf
تنزيل PDF • 1.08MB

الدكتور علي كشت

28 آذار 2024م

أدت الأزمة الأوكرانية إلى نشوب حالة من الصراع والتنافس بين الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وروسيا الاتحادية من جهة أخرى، امتدت هذه الحالة من الصراع لتشمل مجموعة من القيم والمبادئ الإنسانية التي يدعي كل طرف دفاعه عنها وتبنيها في مواجهة الطرف الآخر، وتعتبر حقوق الانسان العنوان الابرز في هذا المجال وخاصة ما يتعلق بحقوق السكان الأصليين، ولطالما كانت حقوق الانسان والسكان الأصليين هي حصان طروادة بالنسبة للدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية في تفسير وإعطاء الحق في التدخل في العديد من الدول والمناطق الأخرى حول العالم بحجة الدفاع عنها وحمايتها لتحقيق العدالة وتطبيق هذه الحقوق حسب ادعائها، وفي ظل الأزمة الأوكرانية الحالية أصبح الحديث عن واقع حقوق الإنسان وتحديدًا السكان الأصليين داخل روسيا الاتحادية التي وحسب دستورها تعتبر شعب متعدد الاعراق، أمرًا في غاية الأهمية بالنسبة للعديد من الاوساط الغربية التي ترى بان تسليط الضوء على عدم تمتع السكان الأصليين بحقوقهم سيدعم تشكيل تيار مناوئ للدولة الروسية داخليًا يمكن استغلال هذا التيار مستقبلًا في تفكيك دولة روسيا الاتحادية من خلال مطالبة ابناء القوميات المختلفة فيها باحترام حقوقهم كسكان أصليين في جمهورياتهم أو مناطقهم، بالمقابل تدرك روسيا الاتحادية خطورة هذا التوجه الغربي وتعمل على احتواءه رغم الظروف الصعبة المتعلقة بالازمة الاوكرانية وبعض المشاكل البيرقراطية الداخلية المتعلقة بهذا الشأن. 

ولذلك فإن مقارنة واقع السكان الأصليين في إحدى الدول الغربية ألا وهي كندا وجمهورية الاديغيه إحدى مكونات دولة روسيا الاتحادية كنماذج حيث يعمل المنهج المقارن على معرفة كيفية وأسباب حدوث الظواهر وذلك من خلال مقارنتها مع بعضها البعض من حيث أوجه الشبه والاختلاف فيما بينها، وذلك من أجل التعرف على العوامل المسببة للحادثة أو الظاهرة المعينة والظروف المصاحبة لذلك، ومن ثم الكشف على الروابط والعلاقات أو أوجه التشابه والاختلاف بين الظواهر في البيئات المختلف ولهذا فان تطبيق المنهج المقارن يمكن من التعرف على أهم الإيجابيات والسلبيات التي لها علاقة وذات صلة بالموضوع محل الدراسة. (عليان: 2004م)

وهو مما يساهم في إعطاء صورة واضحة عن واقع التطبيق الفعلي لحقوق السكان الأصليين على ارض الواقع، ويساعد في تفسير التوجهات والغايات الحقيقة التي يحاول كل طرف تحقيقها من خلال استخدامه لهذه المواضيع المتعلقة بحقوق الانسان والسكان الأصليين تحديدًا من ناحية واقعية بعيدًا عن الحملات الاعلامية المخطط لها. 

ولهذا فإن التعريف بماهية حقوق السكان الأصليين والانتقال إلى التعريف بالسكان الأصليين في كل من كندا وجمهورية الاديغيه ضمن إطار روسيا الاتحادية ونبذة عن تاريخهم  وصولًا إلى الواقع الحالي لهؤلاء السكان ضمن دولهم وانتهاءًا بمقارنة واقع حقوق السكان الأصليين ضمن كل منهم من خلال قدرتها على تخطي التحديات التي تواجهها.

 

أولًا: التعريف بحقوق السكان أو الشعوب الأصليين وتطورها وأبرز التحديات التي تواجهها:

ما من تعريف موثوق به للشعوب الأصلية بموجب القانون والسياسة الدوليين، ولا يحدد إعلان الشعوب الأصلية أي تعريف، وقد اتّخذ واضعو الإعلان هذا القرار عن قصد استنادًا إلى الأساس المنطقي القائل بأن تحديد هوية السكان الأصليين هو حق للشعب نفسه، وهو الحق في تحديد الهوية الذاتية، وعنصر أساسي من الحق في تقرير المصير، إن أوضاع الشعوب الأصلية وسياقاتها شديدة التباين، وبالتالي، لن يجسد أي تعريف منفرد التنوع الكامل للشعوب الأصلية في العالم، وفي الواقع، تنص المادتان 9 و33 من إعلان الشعوب الاصلية على أنه للشعوب الأصلية وأفرادها الحق في الانتماء إلى مجتمع أصلي أو إلى أمة أصلية وفقًا لتقاليد وعادات المجتمع المعني أو الأمة المعنية، وأنّه لها الحقّ في تحديد هويّتها، لقد سكن الكثير من الشعوب الأصلية عددًا من المناطق المختلفة قبل وصول الآخرين إليها، وهي غالبًا ما تزال تحتفظ بخصائص ثقافية وسياسية متميزة، وتتمتع الأقليات والشعوب الأصلية ببعض الحقوق المماثلة بموجب القانون الدولي، على الرغم من أن إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية أكثر شمولاً مبدئيًا من الصكوك القانونية الدولية المرتبطة بالأقليات، يشترك السكان الأصليون مع مناطقهم باستمرارية تاريخية سابقة على الاستعمار، فضلا عن الروابط القوية التي تربطهم بأراضيهم. فهم يحافظون، ولو جزئيًا، على أنظمة اجتماعية واقتصادية وسياسية متميزة، ولديهم لغات وثقافات ومعتقدات وأنظمة معرفة متميزة كذلك. وهم إلى ذلك، يتمتعون بالتصميم على صون هوياتهم ومؤسساتهم المميزة. وتطويرها. وهم مع كل ذلك يشكلون قطاعًا غير مهمش في المجتمع. إن ابرز الصكوك الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان الشعوب الأصلية تتضمن ما يلي: مشروع إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية:

1)   الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948م).

2)   اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (1951م).

3)   العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966م).

4)   إعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية (1992م).

5)   اتفاقية التنوع البيولوجي (1992م).

6)   قرار مجلس أوروبا بشأن المجتمعات الأصلية فيما يتعلق بمشاريع التعاون التنموي المجتمعية وفيما يخص الدول الأطراف (1998م) (هايماويتزو اخرون (2003م)).

ويمكن الاشارة الى هيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق السكان الأصليين ومتابعتها وهي كل من: 

1)   فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالسكان الأصليين.

2)    المنتدى الدائم للأمم المتحدة المعني بقضايا الشعوب الأصلية.

3)   مقرر الأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان والحريات الأساسية للسكان الأصليين.

ويواجه السكان الأصليون تحديات جمة، منها:

 • إنكار حقوقهم في التحكم في جوانب التنمية وفقا لقيمهم واحتياجاتهم وأولوياتهم.

 • الافتقار التمثيل السياسي أو ضعفه

 • الافتقار إلى الخدمات الاجتماعية وغالبًا ما تسبعد الشعوب الأصلية -أو تُمثل تمثيلا هزيلًا- في عمليات صنع القرار المتعلقة بالمسائل التي تؤثر فيهم قصدًا، كما أنهم لا يُستشارون بشأن المشاريع التي تؤثر في أراضيهم، أو في اعتماد تدابير إدارية أو تشريعية قد تؤثر عليهم، وفضلا عن ذلك كله، غالبًا ما يُهجرون من أراضي أجدادهم بسبب مشاريع استغلال الموارد الطبيعية، وهذا هو أبرز اهم تحدي تحاول الشعوب أو السكان الأصليين التغلب عليه. (الامم المتحدة: 2023م)

 

ثانيًا: نبذة عن تاريخ السكان الاصليين الأصليين في كندا:

لا يمكن تحديد عدد السكان الأصليين في أمريكا الشمالية بدقة قبل وصول الأوروبيين، وفقًا لتقديرات بعض علماء الأنثروبولوجيا، فإن عدد السكان الأصليين الذين استقروا داخل الحدود الحالية للولايات المتحدة وكندا يتراوح بين مليوني وثمانية عشر مليون شخص، وهناك من يعتقد أن القارة الأمريكية كان بها ما يعادل سكان أوروبا الغربية آنذاك أي حوالي 40 مليون شخص، وفقًا للبقايا الأثرية التي اكتشفها علماء الآثار، فإن كندا كانت مأهولة بالسكان منذ 20000 عام قبل الميلاد على الأقل، وهذا ينفي تمام ما يعتقد البعض أن  الأوروبيين هم من اكتشفوا  كندا أو قارة أمريكا الشمالية بشكل عام، جاء أول سكان كندا من سيبيريا، حيث أتوا من خلال بيرنجيا، اختفى هذا الجسر البري، الذي ربط سيبيريا بألاسكا، منذ 11 ألف عام تقريبًا بسبب ارتفاع درجة الحرارة الذي تلي العصر الجليدي. (النمر: 2022م)

مع حلول أواخر القرن الخامس عشر بدأت الحملات البريطانية والفرنسية استكشاف المنطقة ومن ثم استوطنتها على طول ساحل المحيط الأطلسي، سحق  المستوطنون والمهاجرون الأوروبيون واغتصبوا أراضي السكان الأصليين وأقاموا عليها وغيّروا في الوقت ذاته التركيبة السكانية والهوية الثقافية فيها، تنازلت فرنسا عن ما يقرب من جميع مستعمراتها في أمريكا الشمالية في عام 1763م بعد حرب السنوات السبع في عام 1867م، مع اتحاد ثلاثة مستعمرات بريطانية في أمريكا الشمالية عبر كونفدرالية تشكلت كندا باعتبارها كيانًا فدراليًا ذا سيادة يضم أربع مقاطعات، بدأ ذلك عملية اتسعت فيها مساحة كندا وتوسع حكمها الذاتي عن المملكة المتحدة. (حسين: 1966م)

 

ثالثًا: نبذة عن تاريخ السكان الأصليين في جمهورية الأديغيه في روسيا الاتحادية:

يعتبر الشراكسة أو الأديغة هم أبناء السكان الأصليين لجمهورية الأديغيه والتي تقع في منطقة شمال القفقاس حيث كانت شركيسيا الوطن التاريخي لهذا الشعب تمتد مساحتها على اجزاء واسعة ضمت ما يعرف اليوم بمقاطعة كراسنودار وجمهورية قباردينو بلقاريا وقرشاي شركيسيا ومقاطعة ستافروبول وليس على مساحة جمهورية الاديغيه الحالية فقط.

تمتد حضارة الشعب الشركسي في هذه المنطقة لأكثر من ستة الاف سنة، ساهمت خلالها مساهمة هامة ومؤثرة في تاريخ البشرية المعاصر، سواء كان ذلك في إنقاذ الحضارات الانسانية المدنية من الغزوات المدمرة من الأمم الهمجية أو في لعب دور الناقل للعلم والمعرفة بين الحضارات من خلال التأثير والمشاركة في بناء وحماية الحضارة الإسلامية المتمثلة في دولة السلاطين الشراكسة إحدى أعظم الحضارات البشرية في منطقة مصر وبلاد الشام، بدءًا من الحضارات الغابرة مثل حضارة ميقوابه  وما تلاها من مملكة سنديكا وزيخيا وغيرها حتى العصور الحديثة، دخلت منطقة شمال القفقاس الشركسية "شركيسيا" دائرة الاطماع الروسية والعثمانية وغيرهم رغم ظهورها في العديد من الخرائط القديمة ككيان مستقل، فقد امتدت انظار تلك الدول المستعمرة اليها بهدف احتلال ارضها واستعمارها وإرضاخ شعبها، بدأت الصدامات العسكرية المباشرة بانطلاق شرارة الحرب الروسية-الشركسية في عام 1763م إلى أن تم الإعلان عن انتهاء الحرب الروسية-الشركسية في 21 ايار من عام 1864م (يوم الحداد الشركسي) بعد انتهاء آخر المعارك والمواجهات التي شهدتها منطقة كبادا (كراسنايا بوليانا اليوم) والتي تعني الهضبة الحمراء من كثرة الدماء التي سالت عليها واحتلال بلاد الشعب الشركسي الذي خرج بخسائر بشرية ومادية كبيرة قدرت بملايين الشهداء والضحايا، وهُجِر قسرياً ما نسبته 80% من الشعب الشركسي من أرض وطنه رغما عنه تحت ضربات الآلة العسكرية القيصرية الروسية التي لا ترحم. (كشت: 2022م)

 

رابعًا: واقع السكان الأصليين في كندا حاليا:

تتألف كندا وهي دولة في أمريكا الشمالية من 10 مقاطعات وثلاثة أقاليم، تقع في القسم الشمالي من القارة وتمتد من المحيط الأطلسي في الشرق إلى المحيط الهادئ في الغرب وتمتد شمالًا في المحيط المتجمد الشمالي، كندا هي البلد الثاني عالميًا من حيث المساحة الكلية، كما أن حدود كندا المشتركة مع الولايات المتحدة من الجنوب والشمال الغربي هي الأطول في العالم، وهي رابع أكبر منتج للنفط الخام في العالم، وتعد كندا أحد اكبر البلدان التجارية في العالم وواحدة من اغناها، فبالاضافة الى قطاعها الخدمي النشط، تتمتع كندا باحتياطي نفطي ضخم وهي مصدر رئيسي للطاقة والمواد الغذائية والمعادن، وتتمتع اللغتان الانجليزية والفرنسية باعتراف رسمي في كندا، وتتمتع ولاية كيبيك الناطقة بالفرنسية -والتي خفتت فيها مطالب الاستقلال في السنوات الأخيرة- باستقلالية ثقافية واسعة، ويشكل المنحدرون من سكان البلاد الاصليين زهاء 4% من مجموع عدد السكان والذي يبلغ 34.834.841 نسمة. والتوزيع العرقي: 32.2% كنديون، 19.8% بريطانيون، 15.5% فرنسيون، 14.4% أسكتلنديون، 13.8% أيرلنديون، 9.8% ألمان، 4.5% إيطاليون، 4.5% صينيون، 4.2% هنود من أميركا الشمالية. والتوزيع الديني: 40.6% روم كاثوليك، 20.3% بروتستانت، 6.3% طوائف مسيحية أخرى، 3.2% مسلمون، 5% من الهندوس والسيخ والبوذيون واليهود، ويبلغ عدد السكان الأصليين في كندا حوالى 1.6 مليون نسمة ما يقدر بحوالى 4.9% من سكان كندا وفقًا لآخر تعداد من قبل هيئة الإحصائيات الكندية في 2016. يتكون سكان كندا الأصليين من ثلاثة شعوب أساسية، أولها وأكثرها كثافة سكانية هي شعوب «الأمم الأولى» ويشكلون حوالى  977.230 نسمة من السكان الأصليين في كندا، وشعب الإنويت أو كما يلقبهم البعض «الإسكيمو» (لكن لم يعد ذلك اللفظ دارجًا في كندا مؤخرًا)، وعددهم حوالى 65.025 نسمة، وأخيرا شعوب الميتى ويبلغ عددهم 587.545 نسمة وحتى الآن يوجد حوالى 53 لغة من لغات الشعوب الأصلية في كندا.

اعترفت كندا في عام 1982م بحق أصيل تملكه الشعوب الأصلية في الحكم الذاتي، وقد تلا هذا الاعتراف اتفاقات نصّت على أحكام الحكم الذاتي والإدارة المشتركة مع حكومات أخرى، ففي جميع أنحاء كندا 25 اتفاقية حكم ذاتي، واتفاقيتان في القطاع التعليمي، وحوالى 50 مفاوضات جارية، فكثيرة هي الجماعات التي تنظر إلى الحكم الذاتي كوسيلة من أجل الحفاظ على الثقافة واستعادة السيطرة على الأرض والموارد والممارسات.وأقرَّت في المادة 35 من هذا الدستور حق الأصيل للشعوب الأصلية في الحكم الذاتي، ولكنّ هذا الحق الأصيل لا يرسي أسس السيادة، بل يهدف إلى تعزيز مشاركة الشعوب الأصلية في الاتحاد الكندي، ويضمن ألاّ تعيش هذه الشعوب وحكومتها في عزلة وتقوقع وابتعاد خارج مكوِّنات المجتمع الكندي هناك تاريخ طويل من المعاناة التي ما زال يتعرض لها أبناء الشعوب الأصلية في كندا تتمثل في أقرار رئيس الحكومة الكندية جون ماكدونلد في عام 1876م "القانون الهندي"، حيث ضم هذا القانون عددًا من التشريعات الاستعمارية التي تهدف إلى القضاء على ثقافة السكان الأصليين من أجل إدماجهم في المجتمع الأوروبي الكندي، بعد إقرار هذا القانون بدأت الحكومة بإنشاء ما يعرف بالمدارس الداخلية لتعليم السكان الأصليين النمط الأوروبي في الحياة والدين، كانت تلك المدارس تدار من طرف الكنائس المحلية، وبإشراف من الحكومة الكندية، والكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان، كانت هذه البداية الرسمية لهذا النظام المدرسي، لكن مدارس أخرى تأسست عام 1830م خصصت لنفس الغرض كانت تابعة للكنيسة فقط، وبدون إشراف حكومي، يقول ماكدولند بكل وضوح، وهو يقدم مشروع القانون الهندي: "يعيش الطفل مع والديه المتوحشين؛ إنه محاط بالوحشية، وعلى الرغم من أنه قد يتعلم القراءة والكتابة، تبقى عاداته وطريقة تفكيره على نمط الهنود (أي السكان الأصليين) إنه ببساطة متوحش يستطيع القراءة والكتابة". كان شعر الطلاب يُقص حينما يرتادون هذه المدارس (يعتبر هذا أمرا مهينا في ثقافة السكان الأصليين) وغالبًا ما يتم إعطاؤهم أرقامًا لتمييزهم، ولباسا موحدًا، كانت أيامهم منظمة بشكل صارم وفقًا لجداول زمنية، مُنع الطلاب تمامًا من التحدث بلغاتهم، أو ممارسة عاداتهم الثقافية أو الدينية، كما فُصل الأشقاء من العائلة الواحدة، وهم داخل المدرسة، حتى تضعف الروابط الأسرية بين السكان الأصليين، في حين قال مؤرخون كنديون إنه بين عامي 1883م و1996م أجبر نحو 150 ألف طفل من السكان الأصليين، وتحديدًا من الهنود الأميركيين والخلاسيين وشعب الإنويت على "الاندماج" داخل المجتمع الأبيض في كندا، وفُصلوا قسرًا عن عائلاتهم ولغتهم وثقافتهم، وأودعوا في 139 من هذه المدارس الداخلية في جميع أنحاء البلاد من أجل تشريبهم الثقافة السائدة قسرًا، تعرض العديد منهم لسوء المعاملة أو الاعتداء الجنسي، وتوفي بين 4 إلى 6 آلاف شخص في تلك المدارس. (خليل:2021م)

وأشارت لجنة الحقيقة والمصالحة التي أُطلقت عام 2008م لتوثيق آثار هذا النظام، أن أعدادا كبيرة من أطفال السكان الأصليين لم يعودوا أبدًا إلى مجتمعاتهم المحلية، كما لم يُسمح لهم في كثير من الأحيان بالتحدث بلغتهم الأصلية أو ممارسة ثقافتهم، وتعرض الكثير منهم لسوء المعاملة والإيذاء ، اعتذرت الحكومة الكندية رسميًا عن هذا النظام، ومنذ عام 2007م توصلت الحكومة الكندية لتسويات مع الآلاف من الناجين الأحياء، فيما تعتبر أكبر تسوية دعاوى جماعية في التاريخ الكندي وكان 15 ألف مواطن كندي من هؤلاء المتضررين قد رفعوا دعاوى قضائية ضد الجهتين المسؤولتين عن تلك المدارس في كندا، وهما الحكومة والكنيسة. (دقنيش: 2022م)

إلا ان هذه التعويضات شهدت مماطلة ومحاولات تملص حيث رفضت محكمة حقوق الإنسان الكندية، في العام 2022م اتفاقًا تاريخيًا بقيمة 40 مليار دولار كندي لإصلاح نظام رعاية الأطفال التمييزي وتعويض عائلات السكان الأصليين التي عانت بسبب التمييز، وكانت الحكومة قد خسرت الطعن في قرار المحكمة العام الماضي قبل السعي للتفاوض للتوصل الى تسوية لإنهاء هذا النزاع القضائي المستمر منذ 14 عامًا، وعلى الرغم من أن أطفال السكان الأصليين يشكلون أقل من 8% من الأطفال دون سن 14 عامًا في كندا، إلا أنهم يشكلون أكثر من نصف الأطفال في دور الحضانة الكندية، وفقاً لتعداد عام 2016م. (الشرق الأوسط: 2022م)

وعادت قضية الانتهاكات إلى الواجهة مرة أخرى في أيار 2021م حينما عثر على 1300 قبر مجهول، ومع اكتشاف رفات 215 طفلًا كانوا في المدرسة الداخلية الهندية السابقة في كاملوبس بمقاطعة كولومبيا البريطانية الغربية التي أُغلقت عام 1978م، وكان بعض الأطفال لا تزيد أعمارهم على 3 سنوات وأثار هذا الاكتشاف غضبًا وسخطًا شديدين في البلاد، ومطالب جديدة للمساءلة، وجرى منذ ذلك الحين العثور على المئات من مواقع الدفن التي لم تكن معروفة أو مميزة. (دقنيش: 2022م)

كما اشار تقرير نشرته الشرطة الكندية فى عام 2015م يؤكد أن 1181 امرأة من السكان الأصليين قتلن أو فقدن بين أعوام 1980م و2012م ،حيث قرر رئيس الوزراء جاستين ترودو تشكيل لجنة للتحقيق، فحسبما قالت وزيرة العدل الكندية -وهى بالمناسبة اول وزيرة كندية من السكان الاصليين تشغل المنصب- إن اعلان حقوق شعوب السكان الأصليين اصبح حقيقة واقعة، وليس فقط فى نص الدستور الكندى لعام 1982م، حيث يعترف بحقوق السكان الأصليين ويدافع عن المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، ورغم هذا الحماس فقد تباطأ عمل اللجنة وانتشرت تلميحات الى أن الشرطة غير متعاونة بالقدر الكافى مع لجنة التحقيق، وبشكل غير مباشر كان هناك تلميح الى تورط بعض رجال الشرطة فى هذه الجرائم. (عزام: 2018م)

علمًا بان البابا فرانشيسكو اعتذر مطلع نيسان 2022م لوفد من مجتمعات السكان الأصليين يمثل شعوب "ميتيس" و"الإنويت" و"فيرست" و"الخلاسيين" وغيرهم، معترفًا بالضرر الذي لحق بالمدارس الداخلية في كندا. (الجزيرة: 2022م)

يواجه نظام الرعاية الصحية في كندا انتقادات كثيرة على خلفية اتهامات بالعنصرية ضد السكان الأصليين، بعد سنوات من الكفاح من أجل الحصول على معاملة منصفة، وقد يكون وفاة جويس إيتشاكوان، البالغة 37 عامًا وام لثمانية اطفال في العام 2020م وهي من السكان الأصليين، مثالًا واضحًا فقد تعرضت لاساءات عنصرية الشرسة من جانب ممرض قبل وفاتها بفترة وجيزة ما أثار غضبًا شجّع السكان الأصليين في أنحاء البلاد على رفع الصوت، يضاف الى ذلك وجود تاريخ من تعقيم النساء من السكان الأصليين بالقوة في كندا لجعلهن عاقرات. (راديو كندا: 2020م)

بالطبع ليست الصورة قاتمة تمامًا بالنسبة للسكان الأصليين فى كندا، فهم يتمتعون بكثير من الامتيازات، منها الإعفاء الكامل من الضرائب، وقيام الحكومة الكندية بتمويل مشروعات عديدة بهدف على الحفاظ على لغاتهم وثقافاتهم. كما أن هناك من وصل منهم الى مواقع مرموقة مثل إيفا أوتاوا زعيمةٌ سابقة لقبيلة «الأتيكاميك» من السكان الأصليين التى عينتها حكومة مقاطعة كيبيك رئيسة لمجلس المرأة الذى يقدم دراسات واستشارات للحكومة للدفاع عن حقوق المرأة. (عزام: 2018م)

 

خامسًأ: واقع السكان الأصليين في جمهورية الأديغيه ضمن اطار روسيا الاتحادية حاليًا:

تقع جمهورية الأديغي في شمال سلسلة جبال القفقاس وتمتد الى سهول الكوبان و تبلغ مساحتها 7800 كم2، وتأسست مقاطعة الأديغة ذات الحكم الذاتي في تموز 1922م باسم منطقة الأديغة/الشركس ذات الحكم الذاتي، أصبحت في 13 آب عام 1928م تُدعى بمنطقة الأديغي ذات الحكم الذاتي وقد اتخذت اسمها الحالي عام 1979م، أصبحت الأديغي جمهورية في عام 1991م، وكانت قبل ذلك و منذ عام 1928م مقاطعه ذات حكم ذاتي إلا أن حكامها ظلوا من الروس حتى العام 1932م حين تولى ادارتها شحنجري حكورات، وبتاريخ 28 حزيران من عام 1991م أعلنت الأديغيه رسميًا "سيادتها"، وبالتوقيع على الاتفاقية الفدرالية عام 1992م تم التعريف عنها كجمهورية، ثبتت هذه الإتفاقية عام 1993م في دستور روسيا الفدرالية، وفي عام 1995م تم اعتماد الدستور الخاص بجمهورية الأديغيه.

عدد سكانها 498 ألف نسمة ويعيش في الجمهورية أكثر من 50 قومية ومنهم الاديغة، الروس، الأوكران، التتار، الأرمن، اليونان وغيرهم، ويشكل الأديغة 25% من السكان حيث يبلغ عددهم 110 آلاف نسمة. (هاكوز: 1997م)

ولقد تمكنوا من وضع شروط تضمن استمرار الجمهورية تحت قيادة سياسية شركسية فقط وهذا ما يفسر وجود شرط اللغة الشركسية للمترشح لرئاسة الجمهورية -ولكن هذا الشرط تم إلغاؤه بطريقة غير قانونية أيضاً في عام 2002م- و في عام 2004م صدر مرسوم فدرالي يعطي الحق للفدرالية بفرض رئيس معين من قبلها لرئاسة الجمهورية بعد أن كان يتم انتخابه بشكل ديمقراطي وقد وُضٍع الأديغة وجهًا لوجه أمام بعض الاحتمالات الخطرة كإلغاء الأديغية كجمهورية وإلحاقها بمقاطعة كراسنودار في العام 2003م، إلا انهم تمكنوا من صد هذا التوجه في العام 2006م، تمكنت الجمهورية من اتخاذ مجموعة من القرارات الهامة، ففي 29 نيسان 1997م تم اتخاذ القرار رقم 1-64 من قبل برلمان جمهورية الأديغيه لمخاطبة مجلس الدوما المتعلق بالإبادة الجماعية للشركس والتهجير القسري الذي تعرض له، وفي 29 أيار  1997م، تبنى برلمان جمهورية الأديغيه قانون حول "العائدين"، الذي ينظم عملية إعادة الأشخاص الذين هم من أصول أديغية ومقيمين في الخارج  إلى وطنهم، واستقبلت الجمهورية بالفعل في العام 1998م مجموعة من الشراكسة العائدين من اقليم كوسوفو نتيجة الصراع العرقي هناك، اظهرت البيانات المتوفرة على البوابة الالكترونية الموحدة لنظام الميزانية في الاتحاد الروسي لعام 2023م بأن جمهورية الأديغيه هي الجمهورية الأقل اعتمادًا على الدعم الفدرالي حيث تتلقى دعم يقدر بــ20% فقط من موازنة الاتحاد الروسي. (كشت: 2023م)

بعد احداث مدرسة بيسلان في اوسيتيا الشمالية جنوب روسيا في كانون الأول عام 2004م، طالبت حكومة روسيا الاتحادية كافة الجمهوريات والاقليم المكونة للاتحاد الروسي بمراجعة القوانين الصادرة والدساتير في الجمهوريات والاقاليم ومدى مطابقتها وتوافقها مع الدستور الروسي، الأمر الذي شكل نكسة للصلاحيات الممنوحة لهذه الجمهوريات، و خاصًة جمهورية الأديغيه فيما يتعلق بادراة شؤونها الداخلية. (شيفتسوفا: 2006م)

 

سادسًا: قدرة السكان الأصليين على تخطي التحديات التي تواجهها في كل من كندا وجمهورية الاديغيه/روسيا الاتحادية:

اعتبرت الامم المتحدة التحديات التي تواجهها الشعوب الأصلية تتمثل كما ذكر سابقًا بانه غالبًا ما تستبعد الشعوب الأصلية -أو تُمثل تمثيلًا هزيلًا- في عمليات صنع القرار المتعلقة بالمسائل التي تؤثر فيهم قصدًا، كما أنهم لا يُستشارون بشأن المشاريع التي تؤثر في أراضيهم، وتحديدًا في اعتماد تدابير إدارية أو تشريعية قد تؤثر عليهم وانكار حقوقهم في التحكم في جوانب التنمية وفقا لقيمهم واحتياجاتهم وأولوياتهم والافتقار التمثيل السياسي أو ضعفه والافتقار إلى الخدمات الاجتماعية، وعليه يمكن التوصل الى ما يلي:

1) انطلاقًا من هذه التحديات فإن الشعوب الاصلية في كندا رغم حصولها على الحكم الذاتي في العام 1982م، إلا انه بقي دون تجسيد على ارض الواقع لم تحصل مناطقهم على حكومات او مجالس تشريعية واضحة المعالم فلا يوجد دستور خاص بهم أو قوانين أو قرارات أو غيرها، بل انها تحمل اسم غامض ألا وهو المحميات دون تحديد ابعاد هذا الكيان وبقيت مختلطة في ظل قوانين وانظمة الدولة المركزية مما جعل تمثيلهم في عملية صنع القرار في مناطقهم هزيلًا وغير مؤثر على التدابير الادارية أو التشريعية في هذه المناطق، وهو ما انعكس سلبًا على تمثيلهم السياسي، فعلى الرغم من المجموعة الكبيرة من المواثيق الدولية الموقعة عليها دولة كندا فانها لم تسعى الى ترسيخ حق تقرير المصير لابناء الشعوب الاصلية من خلال عدم السماح باقامة اية كيانات سياسية لهم (جمهوريات أو غيرها) واستمرت في تعذر وتحجج بعدم القدرة على الخروج عن دستور أو قوانين الدولة الكندية حتى وان تعلق الامر بحقوق الانسان وتحديدا حقوق السكان الاصليين.

2) بالمقابل ذهبت الدولة الروسية إلى إعادة ترتيب العلاقة بينها وبين ابناء الشعب الشركسي في جمهورية الأديغيه وكانت بدايتها في تشكيل الفوج الشركسي في العام 1914م ليكون احد قطاعات الجيش الامبراطوري الروسي لترسيخ مفهوم السلطة الجديدة مع الحفاظ على الهوية القومية لابناء هذا الشعب، ومع سقوط الامبراطورية وقيام الحكم الشيوعي، تم تشكيل اول كيان سياسي ممثل لأبناء الشعب الشركسي في منطقة الاديغية ذات الحكم الذاتي والتي تحولت إلى جمهورية فيما بعد كما ذُكر اعلاه، ترافق ذلك مع وجود تمثيل تشريعي لابناء هذه الجمهورية في البرلمان الروسي الدوما وكذلك في مجلس الاتحاد، رغم أن الشراكسة يشكلون أقلية في جمهورية الأديغيه، ومن خلال ديباجة الدستور الروسي الحالي يظهر الاعتراف الدستوري من قبل الدولة الروسية بأنها دولة متعددة القوميات وبالتالي فإنه لا بد من مراعاة حقوق ومطالب هذه القوميات وفق الأسس الدستورية في هذه الدولة وبما يتفق مع المعايير الدولية من اتفاقيات ومعاهدات وقعت عليها الدولة الروسية، وعلى رأسها كما هو مشار إليه حق تقرير الشعوب لمصيرها.

3) لا يزال ابناء الشعوب الاصلية في كندا يتعرضون للتمييز العنصري في المعاملة مما يؤدي إلى وقوع مآسي متواصلة لهم كمثال على ذلك موت المواطنة الكندية جويس إيتشاكوان المنحدرة من ابناء الشعوب الاصلية وتوثيقها لسوء المعاملة والاهمال الذي تعرضت لها من خلال تصوير فيديو لذلك قبل موتها المشار إليه سابقًا، وعلى الرغم من الاعتذارات والوعود الحكومية بتحقيق العدالة ودفع التعويضات إلا ان هذه الممارسات لا تزال مستمرة ولا تزال قضايا التعويضات عالقة في بيرقراطية المحاكم الكندية التي ما زالت احداها قائمة منذ 14 عامًا كما ذُكر اعلاه، كما لا تزال وفاة الطفل في العام 2005م حاضرة بالاذهان حيث ادت العنصرية في تطبيق نظام الرعاية الصحية إلى وفاة الطفل المولود في العام 1999م نتيجة انتظاره عامين طويلين انتهاء الحرب الضروس بين السياسيين والبيروقراطيين حول من سيتحمّل أعباء علاجه، لكن من دون جدوى. (لينغ: 2021م)، بينما لم تسجل مثل هذه الحوادث في جمهورية الأديغيه ضمن روسيا الاتحادية خاصة في التاريخ الحديث.

4) ينظر العديد من ابناء الشعب الشركسي الذين تم تهجيرهم من وطنهم بان جمهورية الأديغيه لا تمثل في مساحتها سوى جزء بسيط جدًا من مساحة وطنهم التاريخي شركيسيا وأن الشعب الشركسي تعرض لإبادة جماعية على يد الدولة القيصرية الروسية، أدت الى انخفاض عدده وتهجير أبناءه من وطنهم، ولهذه فان هذه الدولة الوريثة للقيصرية الروسية تتحمل كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية بوصفها أنها هي السبب الرئيسي بأن الشعب الشركسي حاليًا هو اقلية على ارض وطنه، ولكن وبالنظر إلى ما تعرض لها السكان الاصليين في كندا أو الولايات المتحدة الامريكية وواقعهم الحالي ومقارنة ذلك مع واقع الشعب الشركسي فإنه يمكن القول بان هناك خطوات ايجابية هائلة تم تنفيذها على ارض الواقع من جانب الدولة الروسية ولا يزال يُنتظر المزيد منها، لقد تم اقتطاع و تعديل بعض البنود الهامة في دستور جمهورية الأديغية التي لو بقيت لكان لها أثر كبير في تحقيق العدالة للشعب الشركسي ومعالجة العديد من الإشكاليات في القضية الشركسية ضمن إطار بنيان الدولة الروسية، ويكفي فقط ان نشير إلى المادة 5 و 10 من بنود هذا الدستور حيث تنص المادة 5) بان: "اللغة الروسية واللغة الأديغية لغتان رسميتان للجمهورية ولهما حق متساوٍ" بينما تشير المادة 10) "يحق لكافة المنحدرين من اصول أديغية والذين يعيشون في دول مختلفة خارج الأديغية العودة والحصول على الجنسية كما يحق لأي شخص من أي قومية اخرى ولد في الجمهورية أن يحصل على جنيستها" ولهذا فانه لا بد من العمل على إيجاد معالجة دستورية صحيحة له ضمن نطاق المحكمة الدستورية لدولة روسيا الاتحادية والمؤسسة التشريعية في الفدرالية الروسية لأنه قد يكون بحق الحل لكافة المشاكل والتحديات التي تشهدها الساحة الشركسية سواء في القفقاس أو المهجر على اقل تقدير.

5) رغم التعديلات التي هدفت إلى تقوية المركز في مواجهة الأطراف منذ العام ٢٠٠٤ الا ان ذلك لم يمنع من فعالية ديناميكية الفعل السياسي لدى النخبة السياسية في جمهورية الاديغية وان لم يكن كنا كان سابقا، بينما يلاحظ ان وضع السكان الأصليين في كندا من الناحية السياسية ما زال غير واضح المعالم و ليس لديه فعليا اية مرجعية او مركز قوى ان جاز التعبير.

 

الخاتمة:

ليس من السهل النظر الى الجزء الاخر من الكأس دون الاعتراف بتلك الهيمنة والسيطرة الغربية الكاملة على مفاصل الحياة الفكرية على كافة الاصعدة ، بالشكل الذي يجعل اي محاولة لدراسة او تحليل الظواهر بدون الرضوخ للمعايير الغربية امرًا مرفوضًا يقع ضمن خانة التطرف أو الدكتاتورية أو انتهاك حقوق الانسان وغيرها، إلا أن الاضطهاد والاجحاف الفكري يجعل السؤال المتعلق من وضع معايير الحياة المثالية؟! يتنباه النخبة فقط من المفكرين تاركين البقية من المثقفين والباحثين أسرى للقوة الفكرية المهيمنة على العالم المعاصر يعملون ويسيرون حسب قواعدها وطلباتها، لذلك يكون التفكير خارج حدود الديمقراطية الاستبدادية أمرًا غريبًا ومريبًا، فالحديث عن وجود حقوق للافراد في دول معادية للغرب هو أمر غير قابل للنقاش هو أمر غير صحيح لا يحق لأي احد مناقشته أو حتى التفكير بذلك، ومن هنا تأتي أهمية محاولة تحليل الظواهر العديدة التي يشهدها النظام الدولي بصورة واقعية و منطقية محايدة.

إن واقع السكان الأصليين في جمهورية الاديغيه وإن كانت العدالة ما زالت تستلزم المزيد من العمل لتحقيقها فانها تبدو اقرب إلى التحقيق من تلك العدالة الوهمية التي تتلاعب فيها كندا رغم أنها من الدعاة والمؤسسين لكافة الدعوات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان والسكان الأصليين ومطالبة الآخرين بتطبيقها بينما يوجد قصور واضح وغير مفهوم لديها هي بذاتها، وبالنظر إلى ما قدمه كل طرف في مجال حقوق الشعوب أو السكان الأصليين يظهر أن كفة الميزان تميل نحو روسيا الاتحادية رغم كل التحفظات.

أحدث منشورات

عرض الكل
bottom of page