الحرس الخاص الشركسي – فرسان الأديغه ونخبة النخبة العسكرية
- Dr Ali M. Kasht
- 3 يوليو
- 3 دقيقة قراءة
الحرس الخاص الشركسي – فرسان الأديغه ونخبة النخبة العسكرية: (Хьакӏэщ)
في قلب الثقافة العسكرية الغنية والمعقدة للشركس (الأديغه)، ظهر نظام فريد جسّد أسمى معاني الفروسية والانضباط والشرف: الهاكӏش (Хьакӏэщ) — الحرس الخاص للأمراء، نخبة المحاربين الشركس، الذين تجاوزوا فكرة القتال كواجب ليتحول إلى مبدأ مقدس، لم يكونوا مجرد جنود، بل فرسان النُبل والتضحية.
حياتهم كانت تجسيدًا لروح "الأديغاغه" (روح الأديغه) والتزامًا صارمًا بـ"الخابزَه" (القانون غير المكتوب). لا يملكون من الدنيا إلا خيلهم وسيوفهم وشرفهم — وكل قطرة دم تسقط منهم، كانت قربانًا للوطن أو للأمير الذي أقسموا على حمايته.
من هم Хьакӏэщ؟
لم يكونوا طبقة اجتماعية، بل كانوا يُستقطبون من نخبة النبلاء الأحرار (الأوزدني)، الذين أثبتوا في المعارك شجاعتهم وولاءهم، وتم ترشيحهم عبر بطولات حقيقية.
كانوا حرس الأمير الشخصي، طليعته في الهجوم، وسنده في التراجع. ومن واجبهم أن يموتوا قبله لا بعده.
قال عنهم الأمير الشركسي والكاتب خان-غيري (1808–1842):
«لا يتزوجون، ولا يملكون بيتًا أو مزرعة، يعيشون في بلاط الأمير الذي يُطعمهم، ويكسوهم، ويسلحهم. إنهم محاربون نذروا أرواحهم للحماية. يموتون دون تردد، ويقاتلون حتى آخر نفس.»
كيف يُصبح المرء Хьакӏэщ؟
1. بطولة ميدانية استثنائية
قتل قائد العدو في معركة.
إنقاذ حياة الأمير أو راية العشيرة.
الصمود في الدفاع عن ممر جبلي أو قرية حتى النهاية.
2. الاعتراف الرسمي عبر مجلس الشيوخ
يتم عرض الإنجاز أمام شهود وتحليله.
إذا أُقرّت البطولة، يُمنح المحارب لقب "Хьакӏэщ".
3. رموز تدل على الرتبة
تسعة خدوش على الشاشكا (السيف): كل واحدة تمثل معركة بطولية.
سترة داخلية مقلوبة (بِشْمِت): استعداد دائم للموت.
أنياب ذئاب فضية: ترمز للقسوة والشراسة في القتال.
قانون الشرف: "خابزَه" و"أديغاغه"
الولاء المطلق: لا يُتصور أن ينجو Хьакӏэщ إذا مات أميره — إما أن يُقتل، أو يعتزل الحياة نهائيًا.
الشجاعة والكرامة: البطولة هي الفضيلة العليا، والجبن عار لا يُغتفر.
الوفاء بالكلمة: القسم لا يُنقض، والكلمة عهد.
التواضع: البطولة لا تُروى، بل تُترك للأفعال أن تتحدث.
الاحترام للعدو: لا يُقتل الجريح، ولا يُمسّ الأعزل.
في ساحة المعركة: «أول من يقتحم، وآخر من يغادر»
1. الهجوم الكاسح
كان الهاكӏش يشكّلون رأس الحربة في الهجوم — يتقدمون كموجة من الموت الأبيض، يُحدثون الفوضى ويشقّون الطريق للأمير. كتب الجنرال الروسي فيودور تورناو:
> «كانوا يتقدمون كجدار فولاذي، لا يهابون شيئًا.»
2. التضحية من اجل الأمير
يتلقون السهام والرصاص، ليبقَ الأمير آمنًا. جسدهم درعه، وسيفهم بوابته.
3. الانسحاب المميت
حين يُؤمر بالانسحاب، يبقون ليغطّوا تراجع الحلفاء. وكان هذا يُعد حكمًا بالموت في الغالب.
مشاهد من البطولة: 1864
في 21 مايو 1864، في ممر كبادة الوعر، وقف 120 هاكӏش في وجه 10,000 جندي روسي مدججين بالسلاح.
الهجمة الأولى: قتلت خيولهم بقذائفالمدفعية، فتابعوا سيرهم على الأقدام.
الهجمة الثانية: كُسرت البنادق، فقاتلوا باعقابالبنادق.
الهجمة الثالثة: سقط آخرهم وهم واقفون — كتب الجنرال يفدوكيموف:
«ماتوا مستندين إلى الصخور... الجبال نفسها كانت تئنّ من وقع السيوف.»
احدى العجايز من قبيلة الشابسوغ قالت:
«نحن لا ندفن جثثًا... نحن ندفن أساطير.»
شهادات تاريخية:
«لا يتزوجون، يعيشون فقط في بلاط الأمير، ويقاتلون في مقدمة الصفوف. موت الأمير يُعتبر عارًا إن نجوا هم.» - جان-شارل دو بيس (قنصل فرنسي)
>«كانوا يقاتلون بصمت... حتى عند الموت، لا يسقطون السيف — كانت أيديهم تتجمد على قبضاته.» - جيمس بيل (1839)
«أُغنيّات الرثاء تخلّدهم، والحكايات تردد أسماءهم. كانوا أبطالًا من ذهب.» - قاضي أتاجوكين (جامع فولكلور شركسي)
من الفولكلور:
«لا تبكين، يا أمي، فأنا هاكӏش الأمير.
إن سقط ه، لا أرى الشمس،
وإن نجا، أُبصر أنا النهار.»
حتى بعد قرون، ما زالت أسطورة "Хьакӏэщ" ترفرف في ضباب الجبال وصدى الأغاني. لم يكونوا مجرد حرّاس — بل فكرة مجسدة عن الشرف، الذود، والولاء الأقصى. وفي زمن تغيّرت فيه المعايير، يبقون هم المعيار الذي لا يتغيّر.
الدكتور علي كشت
تعليقات